أيها السادة الحضور..
ضيوفنا الكرام
اخوتي واخواتي
أهلا بكم في مدينة كوية، مدينة التضحية والثقافة والادب، مدينة حاجي قادر وملاي كةورة ومسعود محمد و المناضل الرئيس مام جلال، هذه المدينة التي تخرَّج في مدارسها العريقة فطاحل العلماء والادباء والساسة الفضلاء الذين رفدوا كردستان والعراق بعلمهم وأدبهم وقيادتهم .. اليومَ تحظى هذه المدينة بشرف إستضافة هذا المؤتمر المهم حول احد اهم المواضيع المطروحة محليا ودوليا ألا وهو الــــحـــــوار.
أخوتي واخواتي:
أن انعقاد مؤتمر واسع ومتعدد الجوانب والمستويات يشارك فيه خيرة النخب الثقافية والسياسية والاكاديمية حول الحوار والحوار الكردي العربي تحديدا، يكتسب اهمية فريدة وخصوصا في هذا الوقت حيث يمر العراق والمنطقة بتغييرات سياسية ناتجة عن التداعيات السياسية والامنية والاقتصادية لما بعد حرب ضد داعش والفكر التكفيري المتطرف الذي عانى منه العراق والمنطقة طيلة اكثر من عقد، هذه الحرب التي ـ رغم الانتصار الميداني العسكري ـ احدثت شروخا بل شقوقا اجتماعية وثقافية كبيرة بين ابناء المنطقة، وحيث أننا نرى ان الثقافة والحوار بين قومياتها الرئيسة قد تساهم في رأب الصدع بين اممها اذا كانت هناك نية وإرادة صادقة في آن.
أساتذتنا الأفاضل
ان وجود إرادة ونية صادقة للحوار غير المشروط وغير المقيد بالاطر الايديولوجية والسياسية والثقافية المسبقة هو الشرط والمفتاح الأساسي لإنجاح وتطوير أية عملية تحاورية ناجعة بين الكرد والعرب، فلو إنطلقنا منذ البداية من مبدأ العيش والمصير والمصلحة المشتركة ونبذنا العُقد التاريخية حول التمايز والتفاضل والاستعلاء القومي والثقافي وعمِلنا نحو ترسيخ القيم الروحية والثقافية المشتركة والمشجِعة للتعايش السلمي القائم على التساوي في الحقوق والواجبات لامكننا بدون شك تمتين أواصر هذه الاخوة اكثر واكثر وتوصيلَها الى بر الامان والاستقرار.
اخواتي ... اخوتي
حين نتحدث عن ضرورة الحوار وإرساء أسس مؤسسية متينة له لا يغيب عن بالنا ان الدستور العراقي الحالي قد ارسى الاسس والمبادئ الاساسية للعيش المشترك والمتساوي بين القوميات والاديان العراقية وخصوصا بين الكرد والعرب وذلك من خلال الاعتراف بالثنائية القومية للدولة العراقية وكون العراق بلد ذا لغتين رسميتين، إن هذه النصوص الدستورية الواضحة هي بلا شك حصيلة عشرات السنوات من النضال الكردي العربي المشترك ضد الدكتاتورية والتي جاءت كثمرة لهذا النضال المشترك.
ولكن وربالرغم من إيماننا بهذا الاساس الدستوري الراسخ الا ان عدم تطبيق الكثير من النصوص الدستورية وخاصة ما يتعلق منها بحقوق القوميات والمكونات جعل من هذا المكسب التاريخي عرضة للتهديد وعدم الاستقرار، وقد اثبتت التجارب التاريخية انه من الصعب ـ بل احيانا من المستحيل ـ الحديث عن التعايش والحوار البناء بين القوميات والمكونات المختلفة في بيئة يسيطر عليها الاحساس بالغبن واللامساواة وهضم الحقوق والانتقائية في التعامل.
لذلك فمن اجل وأد ثقافة التطرف بكافة اشكالِهِ وصدِّ الانغلاق بوجه الثقافات والامم، وبناءِ جسورٍ معنوية وثقافية وقيمية فيما بينها، فان المجتمعات الماثلة في هذه المنطقة بأمس الحاجة الى زرع روح الحوار والتعايش والتجانس فيما بينها، حيث يستطيع فيها المثقف والثقافة أن يلعبا دورا فاعلا فيها وذلك من خلال بناء علاقات مؤسساتية متعددة الجوانب والمستويات ليس فقط علي المستوى الثقافي بل في كافة الاصعد الاكاديمية والعلمية .
ومن اجل تحقيق هذا الهدف فقد عملت وزارتنا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على العمل من اجل انشاء انظمة ومناهج تعليمية تساعد وتشجع التفاعل والحوارو الانتقال الدراسي والاكاديمي بين الطلبة والاساتذة في الجامعات الكردستانية والعراقية والمنطقة بصورة عامة، اعتقادا منها بان التربية والتعليم والتفاعل الاكاديمي العلمي يستطيعان ان يلعبا دوراً هاما في تقريب مجتمعاتنا وبناء الاسس الرصينة للحوار المتكافيء البناء.
وفي الختام اود القول اننا مسرورون بقدومكم وخاصة ضيوفنا خارج الاقليم ، ولا اشك ان وجود هذا العدد من العقول الخيرة والنيرة هنا والمشاركة في المؤتمر سوف تساهم في اغناء وتعميق الحوار الصادق بين الكرد والعرب وتساعد في بناء رؤى مستقبلية مشتركة لمشاكلنا المجتمعية كردستانيا وعراقيا والتي نحن بأمس حاجة الى ترسيخها وتطويرها.
كما اشكر القائمين على هذا المؤتمر من جامعة بغداد وجامعة كوية واللجنة التحضيرية والاخ الدكتور سربست نبي الذي لولا اخلاصهم واصرارهم لما انعقد المؤتمر بهذا المستوى والحجم.
مرة أخرى أهلا بكم في داركم، مدينة كوية، مدينة القادة و الثقافة والادب، وفي كردستان منار الحرية والاحرار، والعراق بلد التعايش والقوميات والاديان المتسامحة.
كما ابارك جامعة كوية واشد على اياديهم لاستضافتهم لهذا المؤتمر الثقافي الاكاديمي الهام ونشكرهم على حسن التنظيم، ونتمنى لكم جميعا النجاح والموفقية في تحقيق اهدافكم واهدافنا المشتركة والنبيلة في التعايش و الحرية .