تواصل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة إقليم كوردستان، “عصفها الفكري” لإنضاج قانون جديد ينظم شؤون قطاع التعليم العالي في الإقليم، على وفق روح العصر.
فبعد سلسلة اجتماعات ماراثونية، عقدها مجلس الوزارة ومجموعة من الخبراء القانونيين الذين كلفوا بإعداد صياغة أولية للمشروع، عقدت الوزارة حلقة نقاشية كرست لعرض أبعاد مشروعها على لجان التربية والتعليم والصحة والبيئة والقانونية، في برلمان كردستان، فضلاً عن مجموعة من رؤساء الجامعات أو الكليات الأهلية، ألحقتها بندوة موسعة لإطلاع التدريسيين في جامعة صلاح الدين، على المشروع، للوقوف على أرائهم ومقترحاتهم بشأنه، قبل إقرار مسودته ورفعها إلى مجلس وزراء الإقليم، لإقرارها ورفعها إلى البرلمان لتأخذ صفتها التشريعية.
· إصلاح التعليم العالي من أهداف القائمة الكوردستانية
المدير العام لدائرة البحث والتطوير في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الكوردستانية، والمشرف على الفريق القانوني الذي كلف بصياغة القانون، د.نجدت عقراوي، قال إن برنامج القائمة الكوردستانية في انتخابات الإقليم، تموز 2009، "ركز على موضوع إصلاح التعليم العالي"، مشيراً إلى أن التفكير الجدي بإعادة النظر بالتعليم العالي والبحث العلمي، عبر آليات قانونية "بدأ بعد تشكيل الكابينة الحكومية السادسة برئاسة د.برهم احمد صالح".
وأضاف أن نقطة البدء في هذا الشأن "تمثلت بإصدار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مجموعة تعليمات لإعادة النظر في الدراسات العليا ومناهج التدريس، والتعليم المستمر وغيرها"، لافتاً إلى أن فلسفة الإصلاح والتغيير في التعليم العالي "تهدف إلى إقامة نظام ديمقراطي معاصر يواكب التطورات العالمية، وتستلزم التفكير الجدي بضرورة إصدار قانون جديد لقطاع التعليم العالي".
وأفاد أن العمل الجدي في مشروع القانون الجديد "بدأ قبل نحو ستة أشهر عندما صيغت الأفكار الرئيسة بإشراف وزير التعليم العالي والبحث العلمي البروفيسور دلاور عبد العزيز علاء الدين، ومن خلال مجموعة خبراء قانونيين، تم إعداد المشروع الأولي ووضع على الموقع الالكتروني للوزارة بغية فسح المجال لأكبر عدد ممكن من المعنيين والمختصين، الإطلاع عليه والإسهام في مناقشته وترصينه".
وذكر أن المناقشات الأولية للمشروع "تمت في مجلس الوزارة ومع الخبراء القانونيين، قبل أن يتوسع نطاقها لتشمل ذوي العلاقة داخل تشكيلات الوزارة وخارجها، لاسيما في مع ممثلي شعب الإقليم في برلمان كوردستان".
وأوضح د.عقراوي أن القراءة الأولى للأفكار الأساسية في القانون "تدلل على أنه قانون لقطاع التعليم العالي ككل وليس الوزارة حسب"، مبيناً أنه بموجب المشروع "تعد الوزارة أحد مؤسسات التعليم العالي".
وتابع أن المشروع يتضمن أيضاً "إعادة صياغة هيكلة مؤسسات التعليم العالي، من خلال قنوات جديدة توفر مصادر تمويل مضافة للجامعات وتبعدها عن التسييس، من خلال تشكيل هيئات تضم شخصيات اجتماعية واقتصادية وأكاديمية، علاوة على الهياكل الإدارية، لتشرف على الجامعات وتعاونها في محيطها المحلي".
وشهدت الحلقة النقاشية التي عقدتها الوزارة مع نخبة من ممثلي شعب الإقليم، نهاية الاسبوع الماضي، بحضور مجموعة من رؤساء الجامعات الكوردستانية، حواراً صريحاً ومباشراً وبناءً، بين الطرفين، إذ قال خلالها وزير التعليم العالي والبحث العلمي الكوردستاني، البروفيسور دلاور عبد العزيز علاء الدين، إن الأهم في المشروع، هو التأكيد على "استقلالية الجامعات، على الأصعدة المالية والإدارية والأكاديمية"، مشيراً إلى أن دور الوزارة "ينحصر في التخطيط الإستراتيجي والإشراف وضمان الجودة النوعية".
وأضاف أن قطاع التعليم العالي "يحتاج إلى قانون ينسجم مع روح العصر، ويواكب التطورات التي شهدها إقليم كوردستان، وانفتاحه على العالم المتقدم"، مبيناً أن هنالك حاجة ماسة لـ"إعادة هيكلة الجامعات والهيئات العلمية التابعة للوزارة على وفق ما هو موجود في دول العالم المتقدم، بنحو يحقق لها كفاءة أكبر في الأداء، والمرونة، ويخلصها من الترهل، والقوالب الجامدة والصارمة، التي تكبلها في ظل القانون المعتمد حالياً، ويمكنها من تحشيد الطاقات لتكون قادرة على توطيد علاقتها بالمجتمع المحلي، وأكثر قدرة على تحقيق أهدافها المرجوة، سواء في الجانب التعليمي أم البحثي".
وشدد الوزير على أن المشروع الأولي للقانون "قابل للتعديل والإضافة بحسب متطلبات المصلحة العامة"، مستدركاً أن الهدف الأسمى للمشروع يكمن في "التوصل إلى قانون متكامل قدر الإمكان، للارتقاء بقطاع التعليم العالي الكوردستاني سواء كان حكومياً أم أهلياً".
إلى ذلك شهدت الندوة الموسعة التي عقدتها الوزارة مع مجموعة من أساتذة جامعة صلاح الدين، عصر أمس (الأحد) في المركز الثقافي الاجتماعي للجامعة، حواراً صريحاً بشأن برامج الوزارة، ومن ثم قدم وزير التعليم العالي والبحث العلمي الكوردستاني، استعرض وافياً لمشروع القانون المقترح، ودعا التدريسيين لإبداء الرأي فيه خلال اسبوعين.
إن هذا العصف الفكر الذي يشهده قطاع التعليم العالي الكوردستاني، يشكل جواً صحياً لإنضاج قانون عصري لائق لقطاع حيوي يعول عليه الإقليم كثيراً في إدامة تقدمه وبناء مستقبله على أسس سليمة.
نوفمبر 2016